dimanche 26 février 2012

كيف كنتم تعيشون..



حرق بلديّة و هي في نفس الوقت مركز اللجنة المحلية لمجابهة الكوارث الطبيعية، حرق قباضة، حرق محكمة، حرق معتمديّة !!



لم استهداف كل هذه المنشآت العموميّة ؟ أهي محض صدفة ؟ ما دخل هذه المنشآت في غضب المتساكنين من الحكومة ؟
هل حرق مثل هذه المصالح يصلح الموضوع و يساعد على التدخّل الفوري؟ أم أنّ استهدافها كان عن سبق الإصرار و الترصّد ؟ 
لا يخفى عن أحد الفساد المتفشّي في كل هياكل المنشآت الحكوميّة و في كل شبر من أرض الوطن..

لذا فأنا شخصيّا استبعد أن تكون الإحتجاجات بريئة، و إن كان في ظاهرها بريء فهناك من أشعل فتيل هذه المواجهات التي طالت كل مرفق عمومي و هو ما يساعد على طمس كل ما بإمكانه أن يحاسب رموز الفساد في منطقة بوسالم، تلك المنطقة المظلومة و المنكوبة التي كان تهميشها في عهد المخلوع من المؤكّد نتيجة فساد مالي و سرقة لحقوق المواطن "الزوّالي"..

هذه الأطراف المحرّضة مهما كانت توجّهاتها لا تريد لتونس خيرا، بل إلى جانب إخفاء معالم جرائمهم هو يحثّون الخطى لإحداث شرخ عميق بين الحكومة و شعبها، محاولات متعدّدة و متسارعة من شأنها ان تجعل بعض المواطنين في حالة احتقان شديد لما أسموه "تقصير الحكومة" في خصوص الفياضانات التي تجتاح تلك المنطقة..

هذه الأطراف تتعمّد خلق المشاكل بين المواطن و الحكومة بدعوى الخوف على مصالح المواطن، و هي التي صمتت لسنوات و سنوات على مثل هذه الكوارث و المصائب التي كانت تحل بأهالي بوسالم خاصّة و بكل المناطق المتضرّرة عامّة..
مصائبكم التي لم نكن نعلمها أبدا، لم نكن نعي الأخطار التي كانت تحدق بكم من كل حدب و صوب..
كم من مواطن توفّي في هذه الظّروف، و كم من تونسيّ حملته الأودية، و نحن لا عين رأت و لا أذن سمعت.. 
كم من منازل هوت على أصحابها فقتلت عائلات و شرّدت أطفالا و رمّلت نساء و الحكومة صامتة، كاتمة لأصوات المتأوّهين الثّكالى و الأرامل و البتامى؟
كم من مواطن سلّم أمره للجوع ينهش بطنه، و شرب ماء متّسخا تلفظه الحيوانات ؟

مشاهد لأوّل مرّة نراها، نتساءل بحيرة : كيف كنتم تعيشون ؟
تدمع أعيننا حزنا على سنين مضت أُغمضت فيها أعيننا عمدا عن التونسّيين المساكين..
كيف واجهتم غضب الطبيعة و نحن في أسرّتنا دافؤون ؟؟
ماذا أكلتم و ماذا شربتم و بم تدثّرتم، كيف كنتم تعيشون ؟
لا مساعدات و لا حتّى بيان، و المسؤولون في مكاتبهم جالسون ؟
كيف كنتم تعيشون ؟
ثلوج، فياضانات و فياضانات و فياضانات، دون تحذير أو إجلاء!
كيف كنتم تدروسون ؟ أي امتحانات تجتازون ؟ هل تنجحون ؟
امتحانات وطنيّة كالباكالوريا مع تأخير يحوالي ثلاثيّة كاملة !! كيف كنتم تتداركون ؟
كيف كنتم تعيشون ؟
(...)

و اليوم كل الشّعب يواسيكم و يقف إلى جانبكم : مساعدات من كل الولايات و كل البلدان، صور و فيديوات لحظة بلحظة، مواكبة لأحوالكم عن طريق أصدقاء على عين المكان، قافلات مساعدة يوميّة كلّما سنحت الظّروف و كان الطّرقات مفتوحة للمرور..
حكومة تبعث بطائرات محمّلة بالمساعدات (و يتغاضى عنها الإعلام)، رئيس يزور المناطق المنكوبة و يقف جنبا لجنب مع المواطن دون قيود أو هالات وهميّة..
رئيس حكومة و وزير داخليّة يزور المناطق المتضرّرة و المعرّضة للخطر (فتتعرّض له مجموعة لا تريد بكم خيرا وتقطع الزّيارة).. 
جلسات استثنائيّة من قبل الحكومة لدراسات أحوالكم و محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه..
جيش ترك النّعيم و اتّجه لأداء واجبه في خدمة الوطن و تقديم الأرواح فداء لكم و فداء لتونس، فكان المنقذ و المساعد و موزّع الإعانات و تقريب البعيد و بنّاء الجسور (في ظرف يومين فقط).. 


كلامي ليس منّا، فأنا لا أمنّ عليكم بما تقوم به الحكومة و ما يقوم به كل من الجيش و المتطوّعين، هي حقوقكم التي حرمتم منها طيلة عقود من الزّمن و حان الوقت لاستعادتها استعادة في حدود المعقول، بما تسمح بيه إمكانيّات الحكومة و المتطوّعين، ما يحصل الآن هو نتيجة إهمال لأكثر من 30 سنة من تهميش للمنطقة ببنية تحتيّة و عدم مراقبة لبناء لا يستجيب للمواصفات و غيرها.
كلامي ليس منّا بل تذكيرا بماض كان بالأمس قريبا و حاضرا عن الأمس مختلفا..
ماض أسود مظلم في غياهب النّسيان و حاضر منير كل الأنظار فيه عليكم، و كل القلوب معكم و كل الدعوات فيه لكم..
ماالذي بإمكان الحكومة أن تفعله و ما فعلته ؟

لا تجعلوا أنفسكم فريسة لتلك الكلاب المسعورة التي تبحث عن ضحيّة تبثّ فيها داءها، قفوا صفّا واحدا للذّود عن هذا الوطن، فهذا وقت التكاثف لإنقاض مدينة بوسالم من خطر محقّق تجاهله المحرَّضون في عهد خلى، و باتوا يستعملونه الآن كورقة أخيرة لقضاء مصالحهم المنحرفة..

ندائي إلى شباب بوسالم الحر أن لا ينساق وراء هذه الحيل الخبيثة و المساهمة بطريقة غير مباشرة في طمس معالم الحقيقة و دفن حقيقة رموز الفساد التي بات من الضروري كشفها و محاسبتها عاجلا ليس آجلا، كونوا يدا واحدة و لا تجعلوا من تاجر بقضاياكم بالأمس محام دفاع لكم اليوم..
ترفّعوا عن هذه الصّراعات الحقيرة التي يصنعها أزلام بن علي و هم يحتضرون بغياب أبيهم الروحيّ عنهم..
التفّوا حول بعضكم البعض و لا تُدخِلوا الغريب الى دياركم، و ستفرج إن شاء الله..

هي زوبعة في فنجان و لن تدوم.. سينكشف الخائنون و سينصلح حال البلاد، ليس تفاؤلا، و إنّما ثقة بالمولى عزّ جلّ، فالباطل و الفساد زائلان لا محالة. 
لن ينخدع شعب كشعب تونس ملهم الثّورات..






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire