mercredi 1 février 2012

المعارضة، من سابقة إلى مؤقّتة..

معارضة، أمّا بعد..

كل المعارضات في كل التّاريخ كانت يوما ما عاملا للتقدّم و سببا في قول كلمة الحقّ أمام رؤوس ديكتاتوريّة أينعت و قد حان وقت قطافها..
كل المعارضات  ضاقت من التّعذيب و من القمع السياسيّ و الجسدي و الفكري و الحسيّ و الاجتماعي ما ضاقت، و عانت الأمرّين في إيصال أصواتها..
كل المعارضات في جميع أرجاء العالم (من بينها تونس) ناضلت و دفعت شهداء إيمانا منهم بأهميّة عملها و نبلها..
كل المعارضات قالت لا في وجه الباطل و قاتلت من أجل رفع راية الحق عاليا، دفعت الغالي و النفيس من أموال و أرواح و حتّى أعراضها..
كلّ المعارضات دون استثناء رغم اختلاف الاديولوجيا و الخلفيّات و المراجع و الديانات اتّحدت على قول كلمة الحق و احترام الآخر و نادت بحريّات شخصيّة رغم ظلمة السّجون التي فيها قبعت و فيها أمضت أعمارها..

هي معارضة بأتمّ معنى كلمة المعارضة.. معارضة لأجل البناء و الإصلاح و المضيّ قدما.. حافظت على مبادئها و أساليبها الشريفة و بقيت أسماؤها شامخة على قمم التّاريخ..





و ها نحن اليوم : 01 فيفري 2012، بعد مرور أكثر من عام على ثورتنا..
معارضينا الذين كنّا بهم و نفخر و نظرات الإكبار إليهم تتّجه كلّ يوم..
تحوّلت النظرات فملأتها دموع الحسرة و الألم، دموع الصدمة و الاستغراب، دموع تعجّب و خيبة أمل.. 
أين أنتم ؟؟ من أنتم ؟ هل أنتم هم ؟ هل هم أنتم ؟ 

أهي نفس المعارضة التي كنّا بها نفتخر ؟
أهي نفس مبادئكم التّي كادت في عهد الاستبداد تندثر ؟
أ هي نفس مواقفكم التّي صدحت بها أصواتكم ؟
أ أنتم فعلا هم ؟؟ أم أنتم مزيج بين قديم و "متجدّد" و جديد ؟

نرى اليوم أغلبية "المعارضين السابقين" قد نزعوا عن أنفسهم كل نبل الكلمة (المعارضة) و طهرها و شرفها و طيبها، و تركوا كلمة لا تعني شيئا.. 
نعم هي جسد جرّدوه من روحه فماتت و تعفّنت، فتحوّل الطّهر إلى قرف و ديدان تنخر ما بقي عالقا فيها ثمّ تحوّل الطّيب إلى روائح كريهة تشعرك بالغثيان، فأصبح ذكرها يبعث الإسمئجاج في القلوب..



معارضة ما إن خرجت من أقبية القمع و الظّلم و اشتمّت عبق الحرّية (التي كانوا عنها يدافعون) حتّى باعوا مبادئهم و أنفسهم لأغراض زائلة و قضايا جانبيّة.. 
نسوا نضلاتاهم و تعذيبهم !! 
نسوا أقوالهم و مكانتهم !!
نسوا شهامتهم و ظلما مارسوه عليهم، نسوا صبرا، نسوا حلما و هدفا، نسوا أملا لاح بعد ألم يأسٍ، نسوا عائلات و أمهات، نسوات قمعا و سنوات جمرٍ.. 
نسوا و نسوا و نسوا و ما نسينا..
مازالت صورهم في غياهب السّجون تلوح لنا بين حين و حينِ..

يحزّ في نفسي ما اكتشفت..
يحزّ في نفسي أنّ مبادئ تلك المعارضة ما هي إلاّ مبادئ "مؤقّتة"، مبادئ برتبة "شعارات رنّانة"، انطبق عليها قول : كلّ حيّ مصيره الزّوال !
زالت المبادئ و حقّقوا قطعا فظيعا مع الماضي ! 
وددنا لو كان القطع في ممارسات سيّئة الذّكر من بعض التّونسيّين الذين رأينا فيهم رمزا للفساد و القمع، ففوجئنا بقطع شمل كل ما هو محمود..
قطع أغلبية المعارضين مع الماضي قطعا تامّا فما عادت أخلاقهم أخلاقا و ما عادت أهدافهم أهدافا، انعدمت الأخلاق و أصبحت الأهداف (بعد أن كانت التقدّم بالوطن و القضاء على الفساد) موجّهة إلى تركيع حكومة كان كل ذنبها أنّ الشّعب انتخبها..
هاجمها كل معارض و نقابي عند أوّل "محاولة" ديمقراطيّة..



توضّح لنا جليّا أن أغلبية المعارضة كان هدفها سلطة لا غير، و حينما حُرمت من حلمها "بقرار شعبي" قرّرت الانتقام ثمّ الانتقام ثمّ الانتقام من أحزاب فائزة، من شعب بأكمله، من فقراء، من مهمّشين، من معطّلين، من مثقّفين (المثقّفون الحقيقيّون)، بالمختصر المفيد قررّت الانتقام من تونس.. 

تلك هي الحقيقة التي تخفّت خلف أقنعة الظلم و الحاكم المستبد..
حقيقة الخبث و النّفاق و التّفاهة و الكذب، حقيقة المصالح الشّخصيّة أوّلا و أخيرا، حقيقة لا حرّية إلاّ لي و لا عقيدة إلاّ لي، حقيقة الاستفزاز و التجذيف ضدّ التيّار، حقيقة : نفسي نفسي و من بعدي الطّوفان..
  
أيّ معارضة هي ؟؟
معارضة نراها تهدّ كل ما بَنـَـتْ !! تهاجم كلّ ما دافعت عليه في سنوات خلت !!
معارضة تقف بجانب كل ما من شأنه أن يمسّ بمقدّساتنا، إسلامنا، قرآننا، نبيّنا، خالقنا، حجابنا، حرّياتنا الشخصيّة !! 
قد يغيّر أحدا فينا مبدأ من مبادئه حسب ظروف و حالات، لكن أن ينقلب و يعارض كلّ ما كان ينادي به يوما، فهذا ما لا يقبله عقل !

حاربونا في ديننا فنراهم يستهينون بتجسيد الذّات الإلهية و يدرجونها ضمن الحرية الشخصيّة.. نرى أناسا ليسوا ببشر يتلاعبون بآيات الله فيحرّفونها، فيلتزم معارضونا السّابقون الصّمت : لا أذن سمعت و لا عين رأت..
كبّلونا و اعتقلوا حرّياتنا ففي لباسنا و قولنا و عملنا و كتاباتنا حدود (حسب قولهم) لا يجب تخطّيها :
لا للنّقاب فهو غريب عن عاداتنا !

لا للقمصان و السّراول القصيرة فهي غريبة عن عاداتنا ! 
لا لعفّ اللحيّ فهي رمز أفغانستان و غريبة عن عاداتنا !
لا للصّلاة في أوقات العمل (جلسات المجلس التّأسيسي على سبيل الذّكر) فهي غريبة عن عاداتنا !
نعم للشّذوذ و قلّة الأدب !
نعم لحرّية على حساب حرّيات !
نعم للفتنة و بث الإشاعات !!


"عاداتنا" : هي حدودهم التي لا يجب تخطّيها، تسلّلت إلى بلادنا من حيث لا ندري (حسب قولهم)..
أما مقدّساتنا : فتـُــباح كلّ يوم ألف مرّة و ما من "معارض سابق" يندّد بهكذا ممارسات..


هي "معارضتنا السّابقة"، حافظت على اسمها و تنصّلت من مبادئها..
فباتت معارضة تافهة، عاجزة، باكية شاكية، مهاجمة، ضدّ إرادة الشّعب، ضدّ مصلحة الوطن، مع الأجنبي ضدّ التّونسي..

هي "معارضتنا السّابقة" التي حادت عن مسارها و سلكت مسالك أخرى مشبوهة، وعرة ملطّخة بالفساد..
هي "معارضتنا السّابقة" التي أصبح دورها المعارضة لأجل المعارضة.. تعارض و كفى ظنّا منهم أنّ الزّمن هو نفس الزّمن و الأشخاص هم نفس الأشخاص.. 
تعارض حتّى يقال عنهم : إنّهم المعارضون..



لا يدركون أنّ الزّمن قد تغير و ما عاد نفس الزّمن..
و غيرهم أيضا "معارضون حقيقيّون" دفعوا الثّمن..
"معارضون حقيقيّون" سابقون أتاهم الله الحكم، فوضوعوا نصب أعينهم راية الوطن..


أيّتها "المعارضة السّابقة" ! ما عدتِ معارضة..
و ما عادت لأهدافك التّافهة قيمة و لن تلقي منّا مساندة..
كنت في ما مضى شريفة عفيفة عن الفساد متعالية..
و ها قد اقتلعت بيديك جذورك التي كانت يوما ثابتة..
فاحصدي ما جنيت..
و تحمّلي ذنبك الذي اقترفت..
الإعدام، هو عقابك الذي اخترته و به حكمت..





فهنيئا لك، ها قد تمّت ترقيتك من شعب أبيّ يأبى الذلّ و المهانة و يأبى الضّحك على الذّقون.. شعب منحك، في سنوات الجمر، تقديرا لم تستحقّيه، و هاهويلفظك في أوّل محاولة انقلاب عليه.. كشف حقارتك و دناءتك فكان مآلك مزبلة التّاريخ.. كشف أنّ معارضتك كانت سمّا مدسوسا، مخدّرا للعقول..

رقّاك شعب الله "النبّار" :)
فأصبحت من "معارضة سابقة" إلى "معارضة مؤقّتة" مصيرك الزّوال بإذن واحد أحد.. هي نفس المقولة نراها تنطبق عليك (كما انطبقت على مبادئك الزّائفة) : كل حيّ مصيره الزّوال..

إلى مزبلة التّاريخ أيّتها "المؤقّتة" ..



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire