lundi 13 février 2012

لا للـ "حڨرة"..

..
كلامي لن يعجب الكثير و لذلك فمنذ البداية، إلي موش باش يعجبو كلامي فليقل خيرا و لينقد بلين أو ليصمت، فلن أحتمل كلاما جارحا لشخصي أو لغيري..


مقالي ليس موجّها لأولئك الذين يجرّحون في شيوخ العالم أجمع..
مقالي ليس موجّها للعلمانيّين الذين يرفضون قدوم المشائخ..
مقالي ليس موّجها لمن يكرهون أن يذكر اسم الله في اجتماعاتنا..
كلامي ليس موجّها لمن جنّوا حين سمعوا كلمة "سافرة"، و ارتعدت فرائصهم حين سماعهم لآية قرآنيّة في مجلس تأسيسي..
لذا طلبي من هذه الفئة أن تغادر المكان، فهذا ليس جمعكم، و النقاش لا يعنيكم..

كلامي موجّه لمسلمين حقيقيّين لا يخافون في الحق لومة لائم..

قلتها سابقا، و مقالاتي تشهد على ما قلته : مرحبا بشيوخنا الكرام من كامل أنحاء العالم، مرحبا بالدكتور عمرو خالد و مرحبا بالدكتور وجدي غنيم، إعجابي بهما كبير منذ زمن بعيد و ليس حديثا..

لطالما تمنّيت إطلالة مثل هذا الوجوه النيّرة على بلادنا، و تمنّيت كثيرا رؤية محاضرات تـُـلقى في فضاء اتنا، حلمت بجماهير "مسلمة" تتسابق لمجالس الذّكر في تونسنا الحبيبة التي حبست فيها أصوات الدعاة لعقود طويلة، دعوت الله كثيرا أن يصبح ديننا في بلادنا كمأكلنا و مشربنا : يوميّا، عاديّا، جماعيّا...

فرحت باستضافة العديد من الشخصيات العالمية بأتم معنى الكلمة، قمم من قمم العالم تزور بلادنا فتعيد لتونس عزّتها و انتماءها الذي غمره ديكتاتور بين أكوام الحداثة المزعومة و الانحطاط الأخلاقي اللامتناهي.. و أخر القمم الشيخ الدكتور وجدي غنيم، ذلك الذي صدح صوته بالحق لعقود و تعذّب و سـُـجن و ذاق من المعاناة أمرّها و من الظّلم أشدّه.. ها نحن نراه اليوم في قاعاتنا و في فضاء اتنا يعلو صوته بالحق، فـيـُضحـِـك الحاضرين تارة و يبكيهم طورا.. أمثلة حيّة من حياة عاشها فيها من العبر ما لا يمكن حصره أو عدّه..
شيوخ أحببناها في الله فاستضفناها لتثري أفكارنا و تزيدنا علما أو ربّما تعطينا علما افتقدناه لأجيال..
شيوخ استضفناها إيمانا منّا أن الانفتاح على الآخر ضروري، و أن الإطّلاع على الغير واجب علينا.. 

لكن لا يجب أن ينقص هذا من احترامنا لشيوخنا التونسيّين شيئا، كثير هم الذين قالوا بضرورة اعتماد "شيوخنا نحن"، يعني عوض أن نكلّف نفسنا عناء استضافة الغرباء لم لا ندعم علماءنا ؟؟ لم لا يكونون هم مرجعنا ؟؟ لم لا يكونون هم قدوتنا و علماؤنا الذين نستنير بهم سبل السّواء ؟؟
و أسئلتهم شرعيّة و في محلّها، أسئلة من العادي بل من الواجب طرحها، حتّى نعي جيّدا أنّ لنا من الشّيوخ ما تقرّ به أعين تونس الحبيبة، شيوخ ربّما غـُـمرت سابقا و عاشت في السّجون و عذّبت.. هذا هو المنطقي..

أمّا أن نرى من يقدّس شيوخ أخرى و يلعن شيوخنا، و يسمع لأقوال شيوخ أخرى و يكذّب بل و يجرّم شيوخنا و ينعتهم بأبشع الأوصاف ؟؟ فهذا ما لن نقبله أبدا..

كان اليوم الشّيخ عبد الفتّاح مورو ضيفا في برنامج "حديث السّاعة" مع المنشّط إلياس الغربي، فقام بمداخلة ذُهل لها الجميع.. مداخلة لأكثر من 10 دقائق دون مقاطعة، بل عجز فيها المنشّط عن مقاطعة الشّيخ لأسلوبه السّلس و الرّائع في إيصال المعلومة، أسلوب ساخر مضحك مقنع و مبهر.. 
تحدّث الشّيخ مورو في مداخلته عن زيارة الشيخ غنيم لتونس، و قد رحّب بذلك، مع التّأكيد على ضرورة السّماع لشيوخنا الأجلاّء (و إن كانوا قلّة قليلة) لكن هناك من شيوخنا (كالشّيخ مورو نفسه) من يعبّر فيبهر فيقنع !!
لن ننكر ذلك (رغم قلّتهم) !!

فما كان من الكثيرين إلاّ أن هاجموه و اعتبروه على حدّ قولهم : "غار من الشيخ وجدي غنيم"، و نعتوه بأبشع الأوصاف التي ما أنزل الله بها من سلطان !!
اتّهموه بالحداثة و بالعلمانيّة و أنّه "شيخ القطب و الـ PDP" !! لا لشيء إلاّ لأنّه نادى بضرورة السّماع لشيوخ الزّيتونة..
فواقعنا غير واقعهم، و حالتنا غير حالتهم، و كما قال هو "إذا كان الشّيخ القادم سيعطي دروسا في ما قاله الله و ما قاله رسول الله"، و إذا كان دوره توعية الشّعوب الثّارة في التّعامل مع ثوراتها فمرحبا به، "أمّا إن كان حضوره لإبداء رأيه و فرض أفكار على مجتمعنا فهذا ما لن نقبله، فهم رجال و نحن رجال !! و لنا واقعنا و لهم واقعهم".
و كأنّنا لا نملك حقّ إبداء الرأي و فرض رأينا و النظر إلى واقعنا، ليس فقط النّظر بل الأخذ بعين الإعتبار حياة نعيشها!!
لم هذا الهجوم الوحشيّ على الشّيخ مورو ؟؟ لم هذه "الحڨرة" الغريبة لشيوخنا ؟؟
أليس الشّيخ عبد الفتّاح مورو بقيمة ثابتة في مجتمعنا التّونسي ؟؟
أليس الشّيخ رَمـْــزا من رموز النّضال و المناضلين الذين ذاقوا الأمرّين بسبب تديّنهم ؟؟
لم هذه "الحڨرة" ؟؟ 
ألا يمكن أن نسمع منه ؟؟ ألا يمكن أن ينافس الشّيوخ الأجانب في عِـلـْمهم ؟؟
غريب أمركم يا توانسة يا مسلمين !
هل ستقتصر حياتنا على سماع الأجنبي و وضع التونسي في رفّ أو ربّما رميه بعيدا؟؟
أليست لحياتنا و عيشتنا مقتضيات علينا مراعاتها ؟؟
سمعنا كثيرا عن الإنغلاق عن الخارج : أي الإنطواء على الذّات و عدم سماع الآخر، و التمسّك بأراء شخصيّة، لكنّي أبدا لم أسمع عن : الإنغلاق على الدّاخل و الإعتراف فقط بالخارج !!
فرفضنا للشيوخ التونسيين هو "إنغلاق على الدّاخل" !!


ما الفرق بيننا و بين الحداثيين إذا ؟؟ هم يريدون "الإنفتاح على خارجهم" و عدم قبول كل ما هو داخلي من عادات و تقاليد و أفعال و لباس، بدعوى أنّ "خارجهم" أفضل و أكثر وعيا من الدّاخل.. و نحن نريد "الإنفتاح على خارجنا" و عدم قبول كل ماهو داخلي من عادات و تقاليد و أفعال و لباس بدعوى أنّ "خارجنا" أفضل و أكثر وعيا من الدّاخل !!


سبحان الله !! 
هل سيعيد التّاريخ نفسه ؟؟ هل ستصبح الصّراعات بعد أن كانت علمانية/مسلمة، ستتحوّل إلى مسلمة/مسلمة ؟؟
هل سيصبح مشكل الانفتاح الكلّي (بمعنى أنّه لا مجال لاعتماد ماهو داخلي)، الآن، قائما بين المسلمين !!؟؟
مسلمون يريدون محو كل "ثقافة" دينية تملكها الحبيبة تونس، و آخرون متمسّكون بها ؟؟
هل سيزيد انقسام المسلمين أكثر فأكثر ؟؟
سلفيين و خوانجيّة و المنادين بالانفتاح الكلي و المنادين بالإنفتاح الجزئي و المنادين بالتقوقع على النفس و عدم الأخذ بما هو خارجي ؟؟


نعم للانفتاح على الغيرلكن حبّنا لشيوخ أجانب لا يجب أن يعطينا الحق في شتم شيوخنا و التّقليل من قيمتهم، فإن هم أخطؤوا فغيرهم أيضا أخطأ !!
بإمكاننا مناقشة شيوخنا بالحجّة و البرهان، دون التّجريح أو السبّ أو التّقليل من قيمتهم، فالزيتونة كانت شامخة و ستظلّ شامخة إلى أبد الآبدين، و كما أحبّوا هم شيوخهم و ساندوهم في محنهم فلا يجب أن ننسى أن لنا من الكفاءات ما يمكن أن يكون في مكانتهم أو أكثر..


أنا مع الإنفتاح و مع سماع الآخر و الأخذ بكلامه و احترامه، و مع تكثيف زياراتهم إلى تونس، خاصّة في فترة نشهد فيها هجوما مكثّفا على إسلامننا و على مقدّساتنا، نحتاج إلى شخصيّات معروفة لها كلمة مسموعة و حضور محترم و أسلوب سلس في إيصال المعلومة و العبرة، لها تأثير إيجابي على القلب و العقل، حتّى تساندنا في هذه الفترة..
لكن هذا لا يعني أن نجمّد نشاطاتنا الدينيّة بدعوى عدم كفاءة شيوخنا، لا يجب وضعهم جانبا و الإكتفاء فقط بالنقد اللاذع الذي لا فائدة منه إلاّ التقليل من شأن كفاءاتنا، و النّظر إليهم بازدراء و كأنّهم كائنات غريبة، أو أن نغلق أذاننا عن أصواتهم و نغلق عقولنا عن أفكارهم..
ربّما لن تكون هذه الفترة هي فترة بروزهم نظرا لأحداث نعيشها، لكن مستقبلنا سيكون حافلا بهم بإذن الله..


علينا جميعا كتوانسة مسلمين احترام شيوخنا، و عدم الوصول إلى تقديس (و العياذ بالله) الشّيوخ الأجنبيّة، و يكفّرون كل من ينادي بسماع غيرهم..


نعم للإنفتاح الجزئي على الخارج، لا للإستنقاص من قيمة كفاءاتنا، لا للـ "حڨرة" ..



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire